بحث آفات اللسان
إعداد مشرفة نشاط الطالبات /
ابتسام عمير الشهراني
الإهداء
بقلم من
مداد , وقلب صادق يحمل الوداد , ومشاعر فياضة , يسودها الإخاء ,
وتبعث لقارئ
كلماتي الحب والصفاء , وبأسمى معاني النقاء ..
اهدي بحثي هذا :
إلى كل مسلم كبح جماح هواه , وقيد لسانه , إلا
في مرضاة الله
والى كل مسلم أدرك بان حفظ إسلامه بصون لسانه
فلا يُخرج
من فيه , إلا عذب الكلام وأصدقه
ولا ينتقي
في نطقه , إلا جميل الحديث وأكمله
.. فطوبى لمن حفظ لسانه وقل كلامه ..
المقدمة
الحمد لله الذي خلق الإنسان
وعلمه البيان، أحمده سبحانه وأشكره، أمر بحفظ الجوارح عن الآثام والعصيان، والصلاة
والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله المصطفى المختار ، وعلى آله وصحبه
الأطهار، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار ..
أما بعـد :
إن دين الإسلام، وهو الدين
الكامل في أحكامه، الشامل في تشريعاته، قد هدى إلى أرقى الأخلاق، وأرشد إلى أكمل
الآداب، ونهى عن مساوئ الأفعال ومستقبح الأقوال، وإن مما وجه إليه الإسلام من
الفضائل والآداب العناية بأدب الحديث، وحسن المنطق، وحفظ اللسان عن اللغو وفضول
الكلام، فلقد أكرم الله تعالى بني آدم، وميزهم عن سائر الحيوان بنعمة العقل
والبيان، وامتن سبحانه وتعالى بهذه النعمة على خلقه بقوله:{أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَـٰهُ مِن نُّطْفَةٍ
فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ } [يس:77].
فحق هذه
النعمة أن تُشكر ولا تُكفَر، وأن يُراعى فيها ما يجب لله تعالى من حفظٍ عن الحرام،
وصيانة عن الآثام، فإن اللسان من أعظم الجوارح أثرًا، وأشدها خطرًا، فإن استُعمل
فيما يُرضي الحق، وينفع الخلق كان من أكبر أسباب السعادة والتوفيق لصاحبته في
الدنيا والآخرة، وإن استُعمل فيما يُسخط الجبار، ويضر بالعباد ألحق بصحابته أكبر
الأوزار، وأعظم الأضرار.
فمع صغر حجمه، وبديع خلقه إلا
أنه لا يمل ولا يكل عن الحركة، لذا عُني الإسلام بأمره أيما عناية، إذ لا يستبين
الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان، وهما غاية الطاعة والعصيان ، وقد كفل النبي e الجنة لمن كفل له حفظ ما بين لحييه ورجليه؛
فعن سهل بن سعد عن النبي e قال: " من يضمن
لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ".
أخرجه البخاري .
و أمرنا e بالتعوذ بالله من شر اللسان؛ فعن شَكَل بن
حميد قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! علمني تعوَّذاً
أتعوذ به، قال: فأخذ بكفي فقال: " قل: اللهم إني أعوذ بك من
شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيي " أخرج في سنن أبي داود .
وأخيراً :
احذري أخيه أن تقولي شراً
فتخيبي وتخسري ، بل كوني ناطقةً بالخير، آمرةً بالمعروف، ناهيةً عن المنكر، ناصحةً
للخلق، ذاكرةً لله، تاليةً للقرآن , تفُوزي وتسعدي في دنياكِ وأخراكِ، فإن فعلتِ
ذلك دل على إيمانك، فعن أبي هريرة y قال: قال رسول الله e : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " أخرجاه في الصحيحين ..
سبحان
ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين
الفصل الأول :
- منزلة حفظ اللسان .
- عظيم
خطر اللسان .
- فضل
الكلام الحسن .
منزلة حفظ
اللسان
لقد حث ربنا جل وعلا في محكم التنزيل وعلى لسان سيد المرسلين
صلوات الله وسلامه عليه على حفظ اللسان وصيانة المنطق، ومجانبة الفحش والبذاء،
فقال جل وعلا: { وَقُل لّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِىَ
أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ يَنزَغُ
بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ لِلإِنْسَـٰنِ عَدُوّا
مُّبِينًا }[الإسراء: 53] .
ولقد وصف الله عز وجل ذوي الإيمان وأرباب التقى بالإعراض
عن اللغو، ومجانبة الباطل من القول، فقال عز شأنه: { قَدْ
أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ *
وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ }[المؤمنون: 1 ـ 3] .
وقال سبحانه :{ وَإِذَا
سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَا أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ
أَعْمَـٰلُكُمْ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى ٱلْجَـٰهِلِينَ } [ القصص: 55].
فحفظ اللسان عن الآثام والحرام عنوانٌ على استقامة الدين
وكمال الإيمان، كما في الحديث عند الإمام أحمد وغيره أن رسول الله e قال: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم
قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه))، بل إن جوارح الإنسان كلها
مرتبطة باللسان في الاستقامة والاعوجاج، فقد روى الترمذي في سننه عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه، عن النبي e أنه قال: ((إذا
أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفِّر اللسان، تقول : اتق الله فينا؛ فإنما نحن
بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا))، قال الإمام النووي رحمه
الله: "معنى ((تكفِّر اللسان)) أي: تذل له
وتخضع".
فإن حفظ المرء للسانه، وقلة كلامه عنوان أدبه، ورجحان
عقله، كما قيل في مأثور الحكم: "إذا تم العقل نقص الكلام"، وقال بعض
الحكماء: "كلام المرء بيان فضله، وترجمان عقله، فاقصُره على الجميل، واقتصر
منه على القليل".
وعن أبي موسى الأشعري y قال: قلت: يا رسول الله ! أيُّ المسلمين أفضل ؟
قال: " من سلم المسلمون من لسانه ويده
" صحيح البخاري. .. ورحم الله ابن
القيم يوم أن قال في "الجواب الكافي " :
" من العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ من أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر ، ومن النظر المحرم وغير ذلك ، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ، فكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ، ولا يبالي بما يقول " .
" من العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ من أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر ، ومن النظر المحرم وغير ذلك ، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ، فكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ، ولا يبالي بما يقول " .
فكف اللسان وضبطه وحبسه هو أصل الخير كله ومن ملك لسانه فقد ملك أمره واحكمه وضبطه ، والإمساك
عن حصاد اللسان يعد من الصدقات فعن سعيد بن أبي بريدة y قال: قال رسول الله r
: " على كل مسلم صدقة " قيل أرأيت إن لم
يجد ؟ قال : " يعمل بيديه فينفع نفسه و يتصدق " قيل أرأيت إن لم يستطع ؟
قال : يأمر بالمعروف أو
الخير " قيل أرأيت إن لم يفعل ؟ قال
: " يمسك عن الشر فإنها صدقة " رواه
البخاري ومسلم.
وعن حاتم الأصم قال :(لو أن
صاحب خير جلس إليك لكنت تتحرز منه ، وكلامك يُعرض على الله فلا تتحرز منه).
وليكن لنا في صدِّيق هذه الأمة ( أبو بكرy) أسوة وقدوة في محاسبتنا لأنفسنا ، وكف ألسنتنا عما لا ينبغي؛ فقد كان يضع حصاة في فيه ليمنع بها نفسه عن الكلام، وكان يشير إلى لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد .
وليكن لنا في صدِّيق هذه الأمة ( أبو بكرy) أسوة وقدوة في محاسبتنا لأنفسنا ، وكف ألسنتنا عما لا ينبغي؛ فقد كان يضع حصاة في فيه ليمنع بها نفسه عن الكلام، وكان يشير إلى لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد .
فمن نهجت نهجه y سلمت ونجت وربحت؛ فعن عقبة بن عامر قال: قلت: يا
رسول الله ! ما النجاة ؟ قال:
فكان ابن مسعود y يقول: (والله الذي لا إله غيره، ما على
ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من اللسان) .
وكان أبو الدرداء yيقول:( أنصف أذنيك من فيك، فإنما جُعلت لك أذنان وفم واحد لتسمع
أكثر مما تتكلم ) .
فالعاقلة من قلّ كلامها عن كل ما ليس لها به علم وتذكرت قوله تعالى :{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } [ الإسراء : 36 ] .
فالعاقلة من قلّ كلامها عن كل ما ليس لها به علم وتذكرت قوله تعالى :{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } [ الإسراء : 36 ] .
وقد قال عطاء بن أبي رباح
رحمه الله: "أما يستحي أحدكم إذا نُشرت صحيفته التي أملاها صدْرَ نهاره أن
يكون أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه ".
إذا رمت أن تحيا سليماً
من الردى ........ ودينك موفور وعرضك صيّن
فلا ينطقن منك اللسان بسـوءةٍ ........... فكلك سوءاتٍ وللناس ألسن
وعينـك إن أبدت إليك معائبـاً ............ فدعها وقل يا عين للناس أعين
فلا ينطقن منك اللسان بسـوءةٍ ........... فكلك سوءاتٍ وللناس ألسن
وعينـك إن أبدت إليك معائبـاً ............ فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ....... ودافع ولكن بالتي هي أحسن
فالمرء يا أخيه بأصغريه: قلبه ولسانه ، فيجب عليه أن
يصلح قلبه أوّلاً، ثم يجتهد في حفظ لسانه؛ حتى يستقيم له على الخير ؛ فعن سفيان بن عبد
الله y قال : "قلت : يا رسول الله حدثني بأمر
أعتصم به ، قال : ( قل : آمنت بالله ثم استقم ، قلت :
يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال : هذا ) أخرجه الترمذي .
وهنا حث الرسول e أمته إلى حفظ اللسان من الوقوع في الآثام فذلك من أعظم سبل النجاة في الدنيا والآخرة ..
وهنا حث الرسول e أمته إلى حفظ اللسان من الوقوع في الآثام فذلك من أعظم سبل النجاة في الدنيا والآخرة ..
فما أحرانا أن نقتدي به e فقد أمرنا الله – عز وجل – بذلك في قوله سبحانه
وتعالى { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ
اللَّهَ كَثِيرًا } (سورة
الأحزاب : 21).
فلقد كان رسول الله r أحسن الناس كلاماً وأحفظهم لساناً ، وأسلمهم منطقاً فما نال أحد
بلسانه قط وما أساء
لشخص بقوله أبداً فقد كان محفوظ اللسان من تحريف القول ،
معروفاً بالصدق في جميع أقواله . . فلا يذم أحداً ولا
يعيبه ، ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه .
عظيم خطر اللسان
إن للِّسان آفاتٍ عظيمةً،
وإن للثرثرة وفضول الكلام مساوئ كثيرة، فاللسان قد يُهلك الإنسان ويورده النار
والعياذ بالله , لذلك كان يجب
علينا إن نحفظ ألسنتنا عن كل ما يغضبه سبحانه وتعالى ...
فعن معاذ بن جبل y قال : قلت يا رسول الله
أخبرني عن عمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار ، قال : لقد سألت عن عظيم وإنه
ليسير على من يسره الله عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي
الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً ، ثم قال : ألا أدلك على
أبواب الخير؟ الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة
الرجل في جوف الليل ، ثم تلا : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا
أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ السجدة : 16 ، 17 ] .
ثم قال : ألا أخبرك برأس
الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : رأس الأمر الإسلام
وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت : بلى
يا رسول الله ، فأخذ بلسانه وقال : كف عليك هذا ، قلت : يا رسول الله ، وإنا
لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على
وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ) . أخرجه الترمذي .
ولقد ورد التحذير من خطر
اللسان في نصوص كثيرة لما فيه من الآفات التي يصعب التحرز منها ويسهل الوقوع فيها
، لمن لم يمسكه إلا في الخير ، ولذلك أخبر الرسول e أنه من أكثر ما يُدخل النار , فقد سئل رسول الله
e ( عن أكثر
ما يدخل الناس الجنة فقال تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار
فقال الأجوفان الفم والفرج ) أخرجه الترمذي وصححه ابن ماجه .
فاللسان -يا أختاه - حبل مرخي في يد الشيطان،
يصرف صاحبته كيف يشاء إن لم يُلجمها بلجام التقوى، أما حين تُطلق للّسان العنان،
لينطق بكل ما يخطر لها ببال، فإنه يوردها موارد العطب والهلاك، ويوقعها في كبائر
الإثم وعظيم الموبقات، من غيبة ونميمة، وكذب وافتراء، وفحش وبذاء، وتطاول على عباد
الله، بل وربما أفضى بالبعض إلى أن تجرِّد لسانَها مِقراضًا للأعراض بكلمات تنضح
بالسوء والفحشاء، وألفاظ تنهش نهشًا، فتسرف في التجني على عباد الله بالسخرية
والاستهزاء، والتنقص والازدراء، وتعداد المعايب، والكشف عن المثالب، وتلفيق التهم
والأكاذيب، وإشاعة الأباطيل، لا يحجزها عن ذلك دينٌ ولا ينزعها عنه مروءة ولا
حياء، كأنها لم تسمع قوله عز شأنه: {سَنَكْتُبُ
مَا قَالُواْ}[آل عمران: 181] .
ولتعلم من سلكت هذا الطريق
أنّ شرّ الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة من تركها الناس اتّقاء فحشها ، ولقد
جاء في الحديث الشريف: (ليس المؤمن بالطعان، ولا
اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء) رواه الترمذي .
وهذا وصف صريح للصفات
الكريهة التي نُزّهت عنها شخصية المؤمنة .
ولذا كانت رقابة الله عظيمة على الأقوال فلم يترك الناس هملاً يقولون
ما أرادوا وإنما كانت المراقبة لأقوالهم ورصدها خير وسيلة لتهذيب الألسن قال تعالى:
((مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) (سورة ق : 18) .
فالكلام الذي يصدر من الإنسان
مكتوب عليه ومحفوظ في سفر أعماله وسيرى نتيجته لا محالة ..
لذا وجب على المؤمنة أن تحرص
على التزام القول الطيب وتجنب القول الخبيث وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب y : (من كثُر كلامه كثُر سقطه، ومن كثُر سقطه قلَّ حياؤه، ومن قلَّ
حياؤه قلَّ ورعه، ومن قلَّ ورعه مات قلبه) .
ويجب على كل مسلمة أن تضع
نصب عينيها قوله e : ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في
جهنم)) رواه البخاري في صحيحة
فلتحذر المسلمة من كلمة
يزلّ بها لسانها ، فرب كلمة من سخط الله -عز وجل- تصدر من المرء وهو غافل لا يتدبر
أبعادها فتوقعه في نار جهنم والعياذ بالله
وعن أبي هريرة y أنه سمع النبي e يقول : (إن
العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ) متفق عليه . (ومعنى يتبين فيها : أي يفكر
أهي خير أم لا؟ ) .
وهذا مما يدل على ضرورة
تدبر الكلام ومراجعته في النفس قبل أن يُطلق فالكلمة ملكك ما لم تخرج من فمك فإن
خرجت أصبحت ملكاً لغيرك .
وقال ربنا عز وجل : {وتحسبونه هيناً وهو عند
الله عظيم } [ النور : 15 ] وقال e : ( اخزن
لسانك إلا من خير ) أخرجه الطبراني .
فالمفلس من يأتي يوم
القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا،
فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طُرح في النار .
فمن الحزم والرشاد اجتناب
فضول الكلام، وحفظ اللسان عن كل ما لا ينفع ولا يفيد في أمر دينٍ أو دنيا؛ إذ بهذا
وصى رسول الهدى e أمته، وحثها عليه، فعن ابن مسعود y أنه كان على الصفا يلبي ويقول "يا لسان
قل خيرا تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم" فقيل له يا أبا عبد الرحمن "أهذا
شيء تقوله أو شيء سمعته فقال لا بل سمعت رسول الله e يقول (إن أكثر
خطايا ابن آدم في لسانه ) أخرجه الطبراني .
ولأجل ذا كان سلف هذه الأمة
وخيارُها يخشون خطر اللسان، ويحاذرونه غاية الحذر، فقال بعض السلف: "أطول الناس شقاءً وأعظمهم بلاءً من ابتُلي بلسان منطلق وفؤاد منطبق". وقال الحسن البصري : ( ما عقل
دينه من لم يحفظ لسانه ) ..
فوالله ، إن المتأمل في واقع المجتمعات اليوم ليرُوعه أن أكثر ما تنشغل به
الكثرة الكاثرة من الناس في المجالس والمنتديات وما يُبثُّ عبر وسائل الإعلام
المختلفة، غالبه من لغو الكلام وفضول القول، تميل إليه الأنفس، وتصغي إليه الآذان،
وتلوكه الألسن، ثم لا تعود منه بطائل، ولا تخرج منه بفائده، بل غالبه يعود بالضرر
في العاجل والآجل، وكل ذلك ليس من هدي الإسلام وآدابه؛ لأن الإسلام يكره اللغو
والفضول، والانشغال بسفاسف الأمور، ويحب معاليها وفضائلها، وقد قال سبحانه: {لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ
بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ
ٱبْتَغَاء مَرْضَـٰتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 114].
وإن البلاء ليعظم حين تُرى
من عليها سِيما العلم والصلاح وهيئات الوقار والاحتشام وتُسْفر عن فُحش وبذاء، حتى
لا تدع لصاحب فضل فضلاً، ولا لذي قدر قدرًا، تحمل عليهم الحملات الشعواء أحياءً
وأمواتًا لزلة لسان، أو سَبق قلم، أو لموقف خاص معهن، وقد لا يكون شيء من ذلك،
وإنما هو الحسد والبغي، لا يحَجَزها عن ذلك عقلٌ وخلق، ولا يمنعها دين وتُقى؟! أو ما
تعلمه من عيوب نفسها وكثرة مثالبها ؟! وقد قال بعض السلف لمن سمعه يقع في أعراض
الناس: "قد استدللنا على كثرة
عيوبك بما تُكثر من عيوب الناس".
وقال الأوزاعي كتب إلينا
عمر بن عبد العزيز رحمه الله أما بعد فإن من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير
ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه وقال بعضهم الصمت يجمع للرجل
فضيلتين السلامة في دينه والفهم عن صاحبه .
فعن ابن مسعود قال قال رسول
الله e (الناس ثلاثة غانم وسالم وشاحب , فالغانم الذي يذكر الله تعالى ,
والسالم الساكت , والشاحب الذي يخوض في الباطل ) أخرجه الطبراني .
وقد جاءت نصوص الكتاب
والسنة تحذر من خطر اللسان, وترغب في الصمت :
وقال عز وجل: { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ
وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ النور : 24 ] . فلا نجاة من خطره إلا بالصمت فلذلك مدح
الشرع الصمت وحث عليه فقال e ( من صمت نجا ) أخرجه الترمذي .
ولتعلمي أن عثرة اللسان أشد
وأعظم من عثرة الرِّجل وصدق من قال :
يموت الفتى من عثرة
بلسانه وليس يموت المرء من
عثرة الرِّجل
فعثرته بالقول تذهب
رأسـه وعثرتـه بالرجل تبرأ
على مهل
فلنحفظ ألسنتنا ، وسائر جوارحنا عما حرم الله تعالى علينا ، ولندرك
أن الحق تبارك وتعالى قد رتب صلاح العمل على القول السديد ويظهر ذلك جلياً في قوله
جل جلاله: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 70، 71].
فضل الكلام
الحسن
إن المسلمة الواعية ليحملها
عقلها ويدفعها إيمانها إلى الاعتناء بحسن اللفظ وجميل المنطق ، فحسن التعبير عما
يجول في النفس أدب رفيع، وخلق كريم، وجه الله تعالى إليه أهل الديانات السابقة،
وأخذ عليهم به العهد والميثاق، فقال عز وجل: {وَإِذْ
أَخَذْنَا مِيثَـٰقَ بَنِى إِسْرءيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ
وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ
وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة:83].
فالكلام الحسن له فضل عظيم
وثمرات كثيرة وأفضل الكلام الحسن وأطيبه هو ـ ذكر الله – عز وجل – ولا يخفى فضل الذكر على كل مسلمة عاقلة فقد ورد
في فضله نصوص كثيرة ليس هذا مجال ذكرها ولعلي اختص منها هذا الحديث على سبيل
التمثيل لا الحصر .. عن أبي الدرداء y قال : قال رسول الله e : " ألا أنبئكم بخير
أعمالكم وأزكاها عند مليككم
وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ " قالوا : بلى يا رسول
الله قال : " ذكر الله
" (رواه الترمذي )
ثمرات وفوائد الكلام الحسن لا
تدركها إلا من امتن الله عليها بلسان رطب بذكر الله ، ومنطق حسن ومن هذه الثمرات
ما يلي :
الكلام
الحسن الطيب ينجّي صاحبته من عذاب النار :
كما قال رسول الله e «اتقوا
النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة » رواه البخاري.
الكلام
الحسن سبب في دخول الجنة :
كما قال تعالى
{ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا
وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِير*وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا
إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ } (سورة الحـج : 23-24).
فالكلمة الطيبة الحسنة باب
من أبواب الجنة فقد بدأ بها e في قوله : ( أطب الكلام ،وافش السلام ،وصل الأرحام ، وصل بالليل والناس نيام ،
تدخل الجنة بسلام ) صحيح الجامع1019 .
- الكلام الحسن والإعراض عن
اللغو، ومجانبة الباطل من القول دليل على كمال الإيمان ، كما قال عز شأنه: {قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ
هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ * وَٱلَّذِينَ
هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ
مُّعْرِضُونَ}[المؤمنون: 1 ـ 3] .
- القول
الحسن السديد يصلح الأعمال ، ويغفر الذنوب ، ويفوز العبد برضوان الله سبحانه :
إذا تحقق الكلام الحسن السديد بين الطرفين بعد التقوى كما قال تعالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً
سَدِيداً} الأحزاب:70 فإن نتيجة ذلك هو قوله تعالى : {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:71]
- الكلام الحسن الطيب صدقة
كما قال النبي
e : «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ». أخرجاه الصحيحين .
- الكلام الحسن يبطل مكائد الشيطان :
فالشيطان عدو مبين للإنسان
وهو يحفر له الحفر ليوقعه فيها وتخفى كثير من مكائده على الإنسان في حالة النزاع
والخصومة والعداوة بسبب الغضب ، فأتى القرآن يؤكد على أن القول الحسن يبطل نزغات
الشيطان في حالة الرضا والغضب فقال تعالى
{وَقُلْ لِعِبَادِي
يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ
الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً} [ الإسراء:53 ] .
يقول ابن كثير- رحمه الله - في تفسير هذه الآية :(يأمر تبارك و تعالى عبده ورسوله r أن يأمر عباده المؤمنين أن يقولوا في مخاطبتهم
ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة فإنهم إن لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان
بينهم، وأخرج الكلام إلى أفعال ومخاصمة ومقاتلة ) .
- صاحبة
الكلام الحسن بعيدة عن مصاحبة الجاهلين :
إن من صفات المؤمنات
الإعراض عن اللغو والابتعاد عن الجاهلين لأن الجهل موت حقيقي ، لذلك يصفهم المولى
بقوله : {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا
أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي
الْجَاهِلِينَ}
[ القصص:55 ]
- الكلام
الحسن سبب للعدل والإنصاف حتى مع المخالفين :
ففي الآية السابقة يوضح
الله Y أن المؤمنين بالرغم من عدم كلامهم مع الجاهلين
ولكنهم يتعاملون معهم بالإنصاف والعدل وحرية الرأي والعمل ويبدون لهم التحية
والسلام .
وقد جعل الله الإعراض عن
جهالة الجاهلين وعدم مجاراتهم في جهالتهم أو الرد عليهم بمثلها أحد الصفات الرئيسة
لعباد الرحمن وقد جاء ذلك جلياً في وصفه لهم قال تعالى : {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (سورة الفرقان: 63) .
- الكلام
الحسن سببٌ لاستدامة الألفة والمودة :
فالكلام الطيِّب والقول
الحسن يجمل مع كل الناس، سواءٌ في ذلك الأصدقاء أو الأعداء، فهو مع الأصدقاء سببٌ
لاستدامة الألفة والمودة، وأما حسن الكلام مع الأعداء فإنه مما يُذهب وحر الصدور،
ويسلّ السخائم والضغائن، ويطفئ الخصومات كما قال سبحانه: {ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ
وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ
ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34، 35].
- الكلام
الحسن يقلل من الملامة :
وقد صدق
والله من قال : ( عود لسانك حسن الكلام تأمن الملام ) .
- الكلام
الحسن شجرة طيبة تؤتي ثمارها كل حين :
فالكلام الحسن يعطي الثمار الطيبة في كل زمان ومكان ، فله أثراً
طيباً في النفوس حيث يفتح أبواب الخير و يغلق أبواب الشر فيقرب القلوب ويذهب الألم
و الأحزان و يطفئ نار الغضب و يزيل غل الصدور وما فيه من الأحقاد والآثام قال
تعالى : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ
وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا
وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم:24-25] .
- بالكلام
الحسن تقوم الدعوة إلى الله وتنتشر لقوله تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ
عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }
(سورة النحل: 125).
- الكلام
الحسن يحقق التربية السليمة في المجتمع ويهذب سلوك الأبناء ويحثهم على التمسك بشرع
الله والعمل بما أمر الله به ونهى عنه فتبنى الأمة وتنطفئ الفتن والإضغان من
القلوب .
- الكلام
الحسن يحقق التواصل الإيجابي القوي بين الأفراد في الحياة اليومية وفي البيئة
الدراسية وبيئة العمل مما يفضي إلى تمكين الأفراد من مواجهة الأزمات وحل المشكلات
وتخطي العقبات بعيداً عن الأنا والأثرة وحب الغلبة .
فعلى كل من وعت هذه الثمرات وعلمت علو الكلمة الخيرة ورفعتها في
الدنيا والآخرة ومنزلة الكلام الطيب وعظيم شأنه في الدين الإسلامي ، وأنه دليلاً
على إيمان صاحبته ، أن تحرص أشد الحرص على التمسك بالقول الحسن ، فمن وُقيت شر
لسانها فقد وُقيت شرًا عظيمًا، ومن استعملت لسانها في الخير والطاعة والمباح من
الكلام وُفقت للسداد والكمال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم
.
الفصل الثاني :
ــ أثر الكذب والغيبة والنميمة والجدل والقذف وقول الزور على هدم العلاقات الاجتماعية .
- أثر آفات اللسان على المجتمع
المدرسي خاصة .
أثر الكذب
والغيبة والنميمة والجدل والقذف وقول الزور
على هدم العلاقات الاجتماعية .
لا شك أن احتكاك الناس
بعضهم ببعض سيتولد منه بعض التصادمات ، في الآراء ... والأخلاق ... والطباع
والعادات … وهنا تكثر الأمراض التي تصيب العلاقات الاجتماعية من غيبة، ونميمة،وكذب،
وزور وغيرها …
فكم بهذه الألسنة أُحدثت فتن
, وأُدميت أفئدة , وقُرحت أكباد , كم بهذه الألسنة أرحام تقطعت , وأوصال تحطمت ,
وقلوب تفرقت ,كم بهذه الألسنة نزفت دماء , وقُتل أبرياء , وعُذب مظلومون , كم بها
طُلّقت أمهات , وقذفت محصنات , كم بها من أموال أُكلت , وأعراض انتهكت , ونفوس
زهقت .
* ومن آثار الكذب على هدم
العلاقات الاجتماعية ما يلي :
الكذب خصلة
ذميمة وعمل مرذول فهو مصدر لكل الآثام والشرور المتفشية في المجتمع ، لأنه مرض
نفسي يبعث على سوء سمعة من تتخلق به في المجتمع ، ويؤدي إلى سقوط كرامتها ، فلا تُصدق
وإن نطقت بالصدق، ولا تُقبل شهادتها ، ولا يُوثق بمواعيدها وعهودها .
والكذب
يضعف ثقة الناس بعضهم ببعض، ويشيع فيهم أحاسيس التوجس والظنون .
وهو من
أقوى الدوافع على قول الزور ، تحقيقا لأطماع صاحبته ، وإشباعاً لنهمها .
والكذب ينشر العداوة والحسد بين الناس من جراء تلفيق التهم، وتزويق الافتراءات والأباطيل ، على من يعاديها أو يحسدوها .
والكذب ينشر العداوة والحسد بين الناس من جراء تلفيق التهم، وتزويق الافتراءات والأباطيل ، على من يعاديها أو يحسدوها .
ومن آثار
الكذب أنه باعث على تضييع الوقت والجهد الثمينين، لتمييز الواقع من المزيف، والصدق
من الكذب.
ومن
خصائصه أنّ صاحبته تنسى أكاذيبها وتختلق ما يخالفها، وربما لفقت الأكاذيب العديدة
المتناقضة، دعماً لكذبة افترتها، فتغدو أحاديثها في المجالس هذراً مقيتاً، ولغواً
فاضحاً.
* ومن آثار الغيبة على
هدم العلاقات الاجتماعية ما يلي :
الغيبة
مرضٌ خطير وداءٌ فتاك ومِعول هدام وسلوك يُفرّقُ بين الأحباب وبهتانٌ يغطي على
محاسن الآخرين ، فهي بذرة تُنبت شرورًا في المجتمع المسلم، وتقلب موازينَ العدالة
والإنصاف إلى الكذب والجور، فهي شر مستطير تؤذي وتضرّ وتجلب الخصام والنفور، مرض
اجتماعي يقطع أواصر المحبة بين المسلمين، ويشتت قلوب الأحبة ، ويحطم العلاقات
الفردية والجماعية ، فهو عامل يساعد على هتك
أعراض الناس ، ويساعد على تتبع عثرات الغير، والغيبة تؤدي إلى تقويض دعائم الثقة
بين أفراد المجتمع ، فلو تفشت لتحول المجتمع الإسلامي إلى كيانات فردية يحارب
بعضها بعضاً ، وذلك لأنها تسبب في رد فعل الآخر، فمن تُغتب قد يصلها الكلام بشكل
أو بآخر، فتسعى للانتقام، أو الدفاع عن نفسها، مما يجعل المجتمع ساحة للصراع
والعداوات وانتشار البغضاء.
* ومن آثار النميمة على
هدم العلاقات الاجتماعية ما يلي :
النميمة من أقبح القبائح، وأرذل الرذائل، وتكمن خطورتها في أَنها تجعلُ المرء فاسداً
في نفسه مفسداً لغيره؛ أما فاسداً في نفسه فلأن مقترفتها لا تنفك من أن تكون كذّابةً
، مغتابةً، غدّارةً ، خائنةً، حاسدةً، منافقةً، مفسدةً بين الناس تهدم الأسر وتفرق
بين الأحبة ، قاطعةً لما أمر الله به أن يوصل، ومن المعلوم أن مَن تصدر عنها هذه
الرذائل هي في غاية الفساد. فتُنزع هيبتها والثقة بها من قلوب الناس، من باب أن من
نم لك نم عليك ، وأمّا مفسدةً لغيرهاِ؛ فَبِما تثير من العداوة والبغضاء والفرقة
بين الناس، وتزرع الحقد والخصومات ، مما يجعل الصديقيْن عدوّيْن ، والأخَوَين
أجنبيين ، والزوجين متنافريْن ، وما ذاك إلا لأن النميمة تدعو إلى سوء الظن، ثم
التجسس وتتبع العورات، ثم الغيبة، ثم الخصومة، ثم التدابر والتقاطع، أو الفرقة
والتمزق، وفساد ذات البين وكشف الستر وهتكه فهي تفعل بالناس فعل النار في الهشيم .
فضلاً عن ما تسببه من
دَمَار في بنية المجتمع، فهي تصيب أقوى عرى المجتمع وأَحكمها التي أكد الشارع
مِراراً وتكراراً على حفظها ورعايتها كأَشد ما يكون عليه الحفظ والرعاية وحذرَ من
الإخلال والتفريط بها، ألا وهي وحدته وترابطه التي تكسبه العِزةَ والمنعَةَ أَمام
أَعدائهِ في الداخل والخارج.
فالنميمة تستأصل مظاهر تلك الوحدة من الودّ والألفة والإخاء والتعاون والإيثار وكلّ ما أمرَ الله به أن يوصل، وتُحِل محلها العداوةَ والبغضاء والتنافر والتناحر، فتتركه مجتمعاً ضعيفاً متفككاً مطمعاً لأعدائه ...
فالنميمة تستأصل مظاهر تلك الوحدة من الودّ والألفة والإخاء والتعاون والإيثار وكلّ ما أمرَ الله به أن يوصل، وتُحِل محلها العداوةَ والبغضاء والتنافر والتناحر، فتتركه مجتمعاً ضعيفاً متفككاً مطمعاً لأعدائه ...
* ومن آثار الجدل على هدم
العلاقات الاجتماعية :
صاحبة الجدل تكثر أخطاؤها فتقع
في الخصومة مع من حولها مما يُكثر أعداءها .
فكثرة الجدل تؤدي إلى الإفساد
بين الناس وتورث الضغائن والأحقاد وتسبب قطيعة الأرحام لأن صاحبة الجدل تتسم بقلة
المروءة وضياع الكرامة ، فالجدل يُشغل القلب ويُورث النفاق، ويُوقع صاحبته في
الكبر والترفع على الآخرين وربما الازدراء بالنظرات المتعالية وغمط الحق ورده وعدم
قبوله ..
والجدل يوغر الصدر، ويهيج
الغضب ،ويورث الحقد، ويخرج إلى تناول العرض ..وقد تخرج صاحبته الى الاستهزاء
والسخرية وتحقير من حولها فيدفعها ذلك إلى أن تشيع الحديث دون رويه ولا تفكير في
عواقب الكلمات التي تقال ..
مما يجعل كل من حولها ينفر
من التعامل معها ويحمل في قلبه الغل الكثير عليها ويتحين الفرصة حتى يُوقع به ..
فتعم الفوضى والغيبة والكذب في المجتمع وينتفي الودّ والألفة والإخاء والتعاون..
* ومن آثار القذف على هدم
العلاقات الاجتماعية :
القذف من أشنع أنواع السب والانتقاص فهو بهتان وكذب وظلم
وإذاء للمسلمين وهتك للأعراض ونشر لمقالة السوء في المجتمع ، وبه تدمر الأسر وتنتشر
العداوة والحسد بين الناس من جراء تلفيق هذه التهمة فتزرع الأحقاد والضغائن ..
والقذف يؤدي إلى سقوط كرامة
المقذوفة مما يجعلها تنطوي على نفسها في منزلها وتحب العزلة وعدم الاختلاط بمن
حولها لفقدها الثقة فيهم فتصاب من جراء ذلك بالاكتئاب وبالأمراض النفسية التي يصعب
علاجها في حالاتها المتقدمة فيتدمر مستقبلها وتعيش وهي تسيء الظن بمن حولها وقد
تحب الغيبة وتتبع العورات والوقوع في عرض من اتهمها أو إحدى قريباته .. فالقذف يحطم
علاقة الفرد بمن حوله في المجتمع ، مما يجعل المقذوفة تسعى للانتقام، أو الدفاع عن نفسها بطرق وأساليب
قد لا ترضي الخالق سبحانه من سحر وتدبير المكائد والقتل ، مما يولد الثورات
والصراعات والعداوات في المجتمع .
* ومن آثار قول الزور على
هدم العلاقات الاجتماعية :
قول الزور جريمة خطيرة ،
وظلم سافر هدّام، يبعث على زرع الأحقاد و الضغائن في القلوب،ويعين الظالمة على
ظلمها، و يعطي الحق لغير مستحقه، ويؤدي إلى ابتزاز الأموال ، ويشيع الفوضى والفساد
في المجتمع فشهادة الزور نوع خطير من أنواع الكذب ، فهو يقوض أركان الأمن، و يعصف
بالمجتمع و يدمره مما يحطم قيم المجتمع الدينية والأخلاقية فتنتج الأحقاد والآثام..
ومن أهم آثار شهادة الزور ما يلي :
ومن أهم آثار شهادة الزور ما يلي :
*إن شهادة الزور تتسبب في
ضياع حقوق الناس زوراً وكذباً فالشاهدة للزور أضاعت حق
المشهود عليها وأثبتت للمشهود لها حقاً ليس لها بسبب شهادتها الكاذبة .
* ما ينشأ عن شهادة الزور
وقوله من فقدان العدالة إذ سيترتب على ذلك ضياع الحقوق
وهنا ستطمس معالم العدالة فكيف تكون هناك عدالة والحقوق مضاعة معطاة لغير أهلها .
* قلب الحياة بشهادة الزور
إلى شقاء وبلاء إذ لا سعادة وهناء في مجتمع تضاع فيه
الحقوق وينصر الظالم ويخذل المظلوم .
* ما يترتب على شهادة الزور أو قوله أو فعله من جرائم لا تطاق
ومظالم لا تحتمل كالقتل، والقطع،
والجلد، وأخذ المال بالباطل .
*تضليل القضاة والحكام والمسئولين فيحكمون بخلاف الحق بسبب الشهادة الباطلة أو التزوير المكذوب .
* ولو لم يكن في شهادة
الزور إلا ما فيها من قلب للحقائق والموازين لكفى فهي مشكلة اجتماعية لا يقتصر
خطرها على فرد أو أفراد بل هي مأساة
أمة.
اثر آفات اللسان
على المجتمع المدرسي خاصة
نحن لا نعيش في الدنيا لوحدنا ، بل هناك أشخاص كثيرون يعيشون حولنا ،
نشكل معهم مجتمعنا الذي نعيش فيه ، وقد يحصل عند معاشرة الناس والاختلاط بهم شيئاً
من المشاحنة لاسيما في بيئة المدرسة مما قد يتسبب في الخصومة والمنازعة بين
الزملاء وما ذاك إلا بسبب نزغ الشيطان بين الناس وترصده بهم وإفساده ما بينهم ، وإبعاده
لهم عن القول الحسن والطيب فيما بينهم ..
فمن آثار آفات اللسان على المجتمع المدرسي ما يلي :
v
تُحدث
آفات اللسان الريبة في القلوب والريبة هي التهمة والشك مما يجعل التعامل بين الطالبات
أمر صعب وعندها تنعدم الثقة المتبادلة بين الطالبات وذلك يؤدي إلى الفرقة والشتات بينهن
فتنقلب الحقائق وتظهر الضغائن والأحقاد في المجتمع المدرسي .
v
تغيير
قلوب المتحابات وإفسادها وقطع صلة الأرحام إن كان هناك قرابة بين الطالبات وإشعال
نيران الإثم والبغي والعدوان بين أفراد المجتمع المدرسي .
v
وقوع الطالبة
في المراء والجدل مع زميلاتها مما يؤدي بها إلى التقصير في حقوق من حولها ، ومن ثم
ضياع حقوق الناس و ظلمهم والتعدي عليهم مما يجعل الطالبة تطمس معالم العدل و
الإنصاف بين زميلاتها وتعطي الحق لغير مستحقه .
v
زعزعة أركان
الأمن سواءً كان الأمن النفسي أو الاجتماعي في البيئة المدرسية ، فينشأ الخوف من
المخالطة وحب العزلة والانطواء على النفس والاكتئاب وكره الآخرين والصعوبة في
التعامل مع المجتمعات الكبيرة .
v
غياب
الظن الحسن وكثرة الظن السيئ مما يجعل القلب يمتلئ بالغل والقسوة والفضاضة فتصبح هذه
الشخصية مكروهة وغير مقبولة عند الطالبات .
v
هدم الأخلاق
، وثلم القيم وتغير المبادئ الإسلامية إلى
مبادئ مستوحاة من الغزو الثقافي المنتشر بين صفوف الطالبات .
v
انتشار
آفات اللسان في البيئة المدرسة يؤدي إلى الإساءة لسمعة المدرسة فينتج عن ذلك كراهية
تلك المدرسة ونفور المعلمات والطالبات منها ..
v
إيذاء
المسلمات وفرقة كلمتهن وتمزيق صفهن ، وانتشار الفساد وإيقاظ الفتنة في نفوس
الطالبات .
v
غياب القدوة
الصالحة فيضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الطالبات .
v
تؤثر
آفات اللسان على المستوى الدراسي مما يؤدي إلي التأخر الدراسي أو الفصل النهائي أو
الانتقال إلى مدرسةٍ أخرى .
v
اختلال
النظام في المدرسة وانتشار الفوضى وعدم انضباط الطالبات بقواعد السلوك .
v
حرمان
الطالبات المتفوقات والمتميزات بأدبهن من فهم الدروس أثناء الحصص ومن إكمال يومهن
الدراسي بكل يسر وسهولة .
v
انتشار
الأنانية وحب الذات والاتكالية والعنصرية وربما الاعتداء على الآخرين بالضرب .
v
عدم
احترام الكبير والتطاول عليه بالألفاظ النابية وإهدار كرامته أمام الآخرين .
v
إفشاء
السر، وإخلاف الوعد والكذب في القول واليمين وقول الزور والغيبة والنميمة مما يهدم
العلاقات في المجتمع المدرسي وربما خارجه فقد يتعدى ذلك إلى تقاطع الأسر والجيران
.
v
ضياع
الهدف وعدم تحمل المسؤولية وبغض التعاون على الخير وإهدار الوقت فيما لا ينفع من
القول .
v
التقليد
الأعمى لكل ما تراه الطالبة من صديقتها المقربة حتى وإن علمت أنها مخطئة فقد لا
تجرؤ على مثل فعلها ولكن تواطئها وتأيدها على ما تتصف به من آفات اللسان .
v
كثرة
السخرية والاستهزاء وانتقاد الآخرين والتنابز بالألقاب والفخر بالأنساب .
v
التساهل
في المزاح وعدم انضباطه بضوابط الشرع لإضحاك الطالبات .
v
انتشار
الجهل في أمور الدين الإسلامي بين الطالبات والاهتمام بإشباع ملذات النفس ورغباتها
.
v
البعد
عن تقليد الرسول e و تطبيق سنة ومتابعة وتقليد كل ما تنتجه
الحضارة الغربية .
فلتحذر
المربية من انتشار مثل هذه المجتمعات السالف ذكرها في بيئتها المدرسية وما ذاك إلا
لكونها من تربي الناشئة وتهذب سلوكهم وتنقل لهم المعاني والقيم ؛لإرساء دعائم
مجتمع تسوده الألفة، والمحبة، وتعطر حياته الكلمات الطيبات، ويفوح في أعطافه أريج
نفحاتها التي تسكن الود في القلوب! فيذهب غيظ الغضب منها ، فيفيض على المجتمع خيراً،
ونماءً، ووفاءً، وعطاءً! .
الفصل الثالث :
- دور المربين في معالجة
آفات اللسان .
دور المربين في
معالجة آفات اللسان
حتى
يتسنى لنا تربية الناشئة على الكلمة الطيبة يجب علينا تبني مسؤولية التربية ، وذلك
من خلال حملنا لهمّ صلاح الناشئة ، واليقين التام بأن صلاح الناشئة ينعكس على صلاح الأمة، فالقاعدة
الأساسية لبناء الأمم هي إعداد الفرد، فإذا ما أحسنا تربيته كان ذلك بدايةً صحيحةً
لتكوين المجتمع، ثم من خلال سعينا الدؤوب نحو تزويد من نعول تربوياً بما صح وتأكد من
مغانم تربوية كسبناها أثناء رقينا التربوي الإسلامي، ويتأتى ذلك عن طريق دعم
حصيلتنا العلمية الشرعية؛ إذ أن جزءاً من مهامنا التربوية يُعنى بتشكيل
عقيدة الناشئة ...لذا اهتم الإسلام بغرس العقيدة الصحيحة
في نفوس النشء، منذ وجوده على قيد الحياة، إلى أن يصير شابًّا
قويًّا يافعاً ..
ولكي يصل المربي إلى مقصده
في تربية الناشئة على الكلمة الطيبة لابد له وأن يستخدم وسائل متعددة منها:
1/ استشعار مسئولية التربية
والتعرف على أصول تربية النشء فحينما
نسمع أو نقرأ عن ما يخططه أعداء الإسلام لغزو النشء
يدفعنا ذلك إلى التصور السليم للقيام بالعملية التربوية.
2/ ضرورة
جعلنا قدوة حسنة لهم ، فعلى المربية أن تنتقي الكلام الطيب والألفاظ الحسنة التي
تخاطب بها الناشئة وحسبنا في ذلك ما جاء
في محكم التنزيل عن مخاطبة لقمان الحكيم لابنه وهو يعظه بلفظ ( يا بُنَيَّ) مما يدل على القرب والمودة
واختيار الألفاظ المحببة عند التربية، فكلمة (بني) لفظ يدل على نداء المحبة والإشفاق والتحبب وزيادة
الحب والعطف.. لذا وجب على المربية أن تحترم الناشئ فلا تخاطبه إلا بالأدب ولا
تتعامل معه إلا بالاحترام وذلك مما يفضي إلى تربية هذه الناشئة على الكلام الطيب
وهو ما نسميه ( التربية بالقدوة ) .
3/ تربية
النشء على الأدب مع الله عز وجل ومع رسوله صلى الله عليه وسلم عملاً بقوله تعالى :
{ يا أيها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع
عليم } .. [ الحجرات : 1]
4/ ربط
النشء بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، وتعليقهم بما تشمله سيرة الرسول
صلى الله عليه وسلم وتراجم الصحابة من حسن منطق وطيب لفظ .
5/ ربط
الناشئة بالعلماء الربانيين وغرس قيمة الاحترام والتوقير لهم عند محادثتهم والأدب
في سؤالهم ليكون الناشئ وقافاً عند حدود الله .
6/ تنمية محبة الله وتعظيمه
في نفوس الناشئة ومراقبته في السر والعلن فقد جعل ابن القيم رحمه الله طيب الكلام
وانتقاءه من الأسباب الجالبة لمحبة الله والموجبة لها .
7/ إيضاح
منافع الكلام الحسن وثمراته مما يحفّز على الاستمرار عليه والمداومة على قوله
وجعله أسلوباً دائماً ومنهاجاً قائماًً ، فعندما يعلم النشء أن الكلمة الطيبة باب
من أبواب الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم:
( أطب الكلام ،وافش السلام ،وصل الأرحام ، وصل بالليل والناس نيام ،
تدخل الجنة بسلام ) صحيح الجامع
سوف يدرب نفسه عليها حتى يألفها ويستمر عليها .
8/ توضيح العقوبة المترتبة
على الكلام السيئ والبذيء والتفكر في مدى الزجر والنهي عن ذلك مما يردع عن قول ما
لا طائلة منه ولا نفع فيه .
9/ تذكير
الناشئة بنعمة اللسان وحثهم على نشر الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة
فجوارح الإنسان أمانة سيسأل عنها يوم القيامة .
10/ تربية
النشء على معرفة قيمة الأوقات وتعميرها بالذكر والكلام الحسن فالوقت والنفس
واللحظات والليل والنهار نعمة من أعظم نعم الله عز وجل على العباد , قوله تعالى :
{ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا } .. [ الفرقان : 62] وقال رسول صلى الله عليه
وسلم : (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ؛ الصحة والفراغ )) .. رواه البخاري .
11/ تحبيب
الناشئة في مجالسة الأخيار ممن ينتقون أطايب الكلام كما ينتقون أطايب الثمر وتجنب
مجالس أهل اللغو والسفاهة والكلام البذيء الفاحش .
12/ حفظ الأبناء من قرناء
السوء فلهم من التأثير على الناشئة أشد الأثر لذا يجب الانتباه إلى أصدقاء الأبناء
فالصاحب ساحب ولاسيما وأنهم ينجذبون إليهم ويحاكونهم في ألفاظهم وطريقة حديثهم .
13/ مراقبة ألفاظ النشء
التي يقتبسونها من المجتمع الخارجي وتقويم ذلك بأسلوب تربوي محبب فيجب توجيههم عند
صدور الألفاظ النابية منهم وبيان موقف الشرع من تلك الألفاظ وتحفيزهم على تركها
واستبدالها بالبديل الأفضل والأحسن.
14/ الثناء على الأبناء عند
قولهم للكلمات الطيبة وتعزيز هذا السلوك الإيجابي لديهم و قدوتنا في ذلك نبي الهدى
r الذي كان يعزز لدى الصحابة ما يحب ويرغب من سلوك
مما يدفعهم إلى الاستمرار على السلوك الحسن ويغرسه في عقولهم وأفئدتهم . فعندما
نثني على الناشئ ونشجعه على الكلمة الطيبة فإننا بذلك نؤصل في نفسه أهمية الكلام
الحسن وضرورة الالتزام به فيزداد حرصا عليه وتلفظا به.
15/ وجوب
التحدث عن موقف النشء عند سماعهم لأي آفة من آفات اللسان في المجتمع وكيف يستطيع
توجيه من يتصف بهذه الآفة وتوضيح خطورة انتشار مثل هذه المجالس على الدين وعلى
المجتمع .
16/ تربية
النشء على تعظيم حرمات المسلمين وعدم الخوض في أعراضهم قال الرسول e : (( كل المسلم على المسلم حرام , دمه وماله
وعرضه )) .. رواه مسلم .
17/ غرس
الإيمان بقيمة مكارم الأخلاق لدى الناشئة وتدريبهم عملياً على ممارسة هذه الأخلاق
مع بعضهم البعض وإطلاعهم على نتائج التخلق بالأخلاق الإسلامية الفاضلة على الإنسان
ومن يعيش حوله وآثارها في السمو بأخلاق الأمة .
18/ تكوين علاقة إيجابية
وصريحة بين المربي والنشء وتعويدهم على النقاش الحر والمثمر والمتبادل من دون رفع
الصوت وحدة الحديث والأسلوب الهجومي ومقاطعة الآخرين حتى يتعود الناشئ على الكلام
الحسن .
19/ البعد عن سرعة الانفعال
ولغة التهديد وهو شأن من لوازم حسن الخلق لا سيما وأن لغة التهديد من أسوأ
الأساليب التي لا يجني منها الفرد إلا النفور منه والاستخفاف به.
سألين الله أن يهدينا لأحسن الأقوال والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا
هو وأن يصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا هو وأن يرزقني وإياكن حفظ هذه
الجارحة وتسخيرها في طاعته ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الخاتمة
وفي ختام هذا البحث أسأل الله العلي
القدير ، أن يطهّر قلوبنا من النفاق , وأعيونا من الخيانة وألسنتنا من الكذب
والغيبة والنميمة , ويجنبنا الوقوع في
الأعراض ..
اللهم اجعل ألسنتنا حرباً على أعدائك
سلماً لأوليائك , اللهم أهدنا لأحسن الأقوال والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت وأصرف عنا سيئها لا
يصرف عنا سيئها إلا أنت ,
اللهم اجعلنا من الراشدين الشهداء بالحق القائمين بالقسط ..
سبحان ربك رب العزة عما يصفون،
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب
العالمين ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
وسلم تسليماً كثيراً ..
المراجع
م
|
اسم
المرجع
|
اسم
المؤلف
|
1
|
القرآن
الكريم
|
|
2
|
الحديث
الشريف
|
|
3
|
كتاب الكلم الطيب
|
محمد
ناصر الدين الألباني
|
4
|
كتاب الجواب الكافي
|
ابن
القيم
|
5
|
كتيب صور الإثم في آفات اللسان
|
|
6
|
كتاب مملكة القلب والأعضاء
|
العلامة
عمر بن حفيظ
|
7
|
مطوية إضاءات تربوية
|
الإدارة
العامة للتربية الإسلامية
|
8
|
كتاب آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة
|
سعيد
بن علي القحطاني
|
9
|
كتيب كلمات تهتك الأستار وتنشر الأسرار
|
حمود
بن إبراهيم السليم
|
10
|
موقع ينابيع تربوية
|
موقع
صيد الفوائد
|
11
|
موقع شبكة التسجيلات الإسلامية
|
موقع
الخطب المنبرية
|
الفهرس
المسلسل
|
موضوعات
البحث
|
أرقام
الصفحات
|
|
الإهداء
|
1
|
|
المقدمة
|
2ـ3
|
|
الفصل الأول :
|
4
|
|
منزلة حفظ اللسان .
|
5 ـ 6
|
|
عظيم خطر اللسان .
|
7 ـ 8ـ9
|
|
فضل الكلام الحسن .
|
10 ـ 11ـ12
|
|
الفصل الثاني :
|
13
|
|
أثر الكذب والغيبة والنميمة والقذف وقول الزور
على هدم العلاقات الاجتماعية .
|
14ـ15ـ16
|
|
اثر آفات اللسان على المجتمع المدرسي خاصة .
|
17 ـ 18
|
|
الفصل الثالث :
|
19
|
|
دور المربين في معالجة آفات اللسان .
|
20ـ21ـ22
|
|
الخاتمة
|
23
|
|
المراجع
|
24
|
الباحثة
خاتمة جيدة جدا
ردحذف